فرنسا تفرج عن جورج عبدالله بعد 40 عاماً في السجن حصري
فرنسا تفرج عن جورج عبدالله بعد 40 عاماً في السجن حصري

فرنسا تفرج عن جورج عبدالله بعد 40 عاماً في السجن — في قرار تاريخي طال انتظاره، أعلنت السلطات الفرنسية الإفراج عن المناضل اللبناني جورج عبدالله بعد أن أمضى أربعة عقود خلف القضبان، ليُطوى بذلك أحد أطول فصول السجن السياسي في أوروبا. وجاء هذا القرار بعد سنوات من الضغوط الشعبية والحقوقية، محلياً ودولياً، للمطالبة بإطلاق سراحه، وسط جدل واسع حول أبعاد قضيته السياسية والأمنية.
فرنسا تفرج عن جورج عبدالله بعد 40 عاماً في السجن: نهاية أطول قضية اعتقال سياسي في أوروبا
فرنسا تفرج عن جورج عبدالله بعد 40 عاماً في السجن، في خطوة وُصفت بأنها مفصلية في تاريخ القضاء الفرنسي، ومثيرة للجدل على المستوى الدولي. فقد قررت محكمة الاستئناف في باريس، يوم الخميس، الإفراج عن الناشط اللبناني جورج إبراهيم عبدالله، أحد أقدم السجناء السياسيين في فرنسا، وذلك بعد أربعة عقود من الاحتجاز المستمر على خلفية إدانته في قضية اغتيال دبلوماسيين أجنبيين.
قرار قضائي بعد سنوات من الرفض
جاء قرار المحكمة خلال جلسة غير علنية عُقدت في قصر العدل بالعاصمة الفرنسية، حيث تم الإعلان رسميًا عن الإفراج المشروط عن عبدالله البالغ من العمر 74 عامًا، والمسجون حاليًا في سجن لانميزان بمقاطعة “أوت-بيرينه” جنوب فرنسا.
وبحسب البيان الصادر عن محامي الدفاع، جان لوي شالانسيه، فإن القرار يُعد “انتصارًا قضائيًا كبيرًا، وفضيحة سياسية في آنٍ واحد”، مشيرًا إلى أن الإفراج تأخر لعقود بفعل الضغوط السياسية من الولايات المتحدة وإسرائيل، بالإضافة إلى مماطلة مستمرة من قِبل الحكومات الفرنسية المتعاقبة.
شروط الإفراج النهائي
رغم صدور قرار الإفراج، فإن إطلاق سراح جورج عبدالله مشروط بشرط أساسي، وهو مغادرة الأراضي الفرنسية وعدم العودة إليها. ومن المقرر أن يتم الإفراج عنه فعليًا في 25 يوليو/تموز الجاري، دون أن يُكشف حتى الآن عن تفاصيل الترتيبات الأمنية أو اللوجستية المصاحبة لهذا الإجراء.
وقد أعربت السفارة الإسرائيلية في باريس عن “الأسف والاستياء الشديدين” عقب إعلان القرار، في حين لم يصدر تعليق رسمي من الجانب الأمريكي حتى لحظة كتابة هذا المقال.
اقرا ايضا عن : لندن وبرلين تتفقان على تعزيز مكافحة مهرّبي البشر 2025
من هو جورج عبدالله؟
وُلد جورج إبراهيم عبدالله في شمال لبنان عام 1951، وارتبط اسمه بالحركات الثورية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، حيث كان من الداعمين للقضية الفلسطينية، ومنتمياً إلى “الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية”. وقد اعتُقل في فرنسا عام 1984، وأُدين في عام 1987 بتهمة المشاركة في اغتيال دبلوماسي أمريكي وآخر إسرائيلي في باريس.
ومنذ صدور الحكم بالسجن مدى الحياة، بات عبدالله مؤهلاً للإفراج المشروط منذ عام 1999، إلا أن جميع طلباته وعددها 12 طلباً قوبلت بالرفض المتكرر، ما جعله رمزًا للنضال من أجل المعتقلين السياسيين في العالم العربي، ومحورًا لحملات تضامن واسعة.
جدل دولي وحقوقي
يشكل قرار “فرنسا تفرج عن جورج عبدالله بعد 40 عاماً في السجن” حالة استثنائية في القضايا الحقوقية المعاصرة، إذ اعتبر العديد من المحللين أن استمرار احتجازه كل هذه السنوات تجاوز الجانب القضائي إلى الحسابات السياسية البحتة، خاصة في ظل ضغوط متكررة من الولايات المتحدة وإسرائيل لعدم الإفراج عنه.
ويُذكر أن هيئة الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية دولية طالبت مرارًا بإطلاق سراحه، معتبرة أن ظروف اعتقاله تمثل انتهاكًا لمبادئ العدالة والإنصاف، خصوصًا بعد استيفائه الشروط القانونية للإفراج المشروط منذ أكثر من عقدين.
مواقف متباينة داخل فرنسا
داخل فرنسا، أثار القرار انقسامًا سياسيًا وإعلاميًا. ففي حين رحب به بعض النواب والمنظمات الحقوقية، واعتبروه تصحيحًا لمسار قضائي شابه الكثير من التجاوزات، عبّر آخرون عن تخوفهم من تداعياته السياسية، خاصة في ظل تصاعد الخطاب اليميني المتشدد المناهض للهجرة والنشاط السياسي القادم من خارج فرنسا.
ورأى البعض أن الإفراج عن جورج عبدالله جاء في توقيت سياسي دقيق، خاصة بعد تغير في موازين القوى داخل الحكومة الفرنسية الجديدة، ومحاولات لاحتواء الملفات الحقوقية المعقدة التي كانت تؤثر على صورة فرنسا في الخارج.
ما بعد الإفراج: ماذا ينتظر جورج عبدالله؟
بعد الإفراج عنه في 25 يوليو، من المتوقع أن يعود جورج عبدالله إلى لبنان، حيث كان قد تم التجهيز لاستقباله على المستوى الشعبي والسياسي منذ سنوات، عبر حملات دعم ومطالبات رسمية بإطلاق سراحه.
ولم يتضح حتى الآن ما إذا كان عبدالله سيستأنف نشاطه السياسي أو سيلتزم الصمت بعد كل هذه السنوات من الاعتقال. ومع ذلك، يُنظر إلى قضيته كعلامة فارقة في التاريخ السياسي المعاصر، خصوصًا في ما يتعلق بعلاقة الغرب بالحركات التحررية في الشرق الأوسط.
موقف الدولة اللبنانية
من جانبها، رحبت شخصيات سياسية لبنانية بارزة بقرار الإفراج، واعتبرته “انتصارًا للعدالة”، كما جددت السلطات اللبنانية تأكيد استعدادها لاستقبال عبدالله في وطنه الأم وتوفير الحماية القانونية له.
وقد سبق للحكومة اللبنانية أن طالبت بالإفراج عنه في أكثر من مناسبة رسمية، معتبرة أن احتجازه لم يعد له أي مبرر قانوني أو أخلاقي.
إن عنوان هذا الملف الحقوقي الطويل: “فرنسا تفرج عن جورج عبدالله بعد 40 عاماً في السجن”، يلخص صراعًا مريرًا امتد لعقود، بين إرادة الحرية ومقتضيات السياسة الدولية. وبينما يرى البعض أن القرار قد تأخر كثيرًا، يراه آخرون بداية لتصحيح مسارات قضائية لم تكن دومًا خالية من التحيزات والضغوط.
وفي ظل تطورات هذا الملف، يبقى السؤال الأهم: هل سيكون الإفراج عن جورج عبدالله مجرد نهاية لقضية فردية، أم بداية لمرحلة جديدة من التعاطي مع القضايا الحقوقية والسياسية في أوروبا؟